شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح الوصية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية
56308 مشاهدة
العمل علامة الإيمان

...............................................................................


ولا شك أن الإيمان بها له علامات، فإذا قال إنسان: آمنت بالله؛ فإنك تقول: أين علامة الإيمان بالله؟ نريد أن نرى عليك العلامات؛ علامتها طاعته وعبادته بكل أنواع العبادة، وإذا قال: آمنت بالرسول، وصدقت بأنه مرسل؛ فقل: لا بد أن نرى عليك علامة ذلك؛ وهي الاتباع والعمل بما جاء به، وتمرين النفس على العمل بسنته.
وإذا قال: آمنت بكتب الله، ومن جملتها هذا القرآن الكريم؛ فإن لذلك أيضا علامة؛ وهي أن يعمل به حق العمل؛ يتلوه حق تلاوته ويتبعه حق اتباعه، وإذا قال: آمنت باليوم الآخر؛ فلا بد أيضا أن تظهر عليه علامته؛ الإيمان باليوم الآخر يستدعي استعدادك له، والعمل الذي تكون به فيه سعيدا.
هذه أركان الإيمان المهمة، ولا بد أيضا أن يمر بنا شرح لها وتوسع فيها؛ حيث إن ثمرة العلوم والعقائد ونتيجتها هي تطبيقها؛ وذلك لأن الذي يؤمن بالله تعالى ويؤمن بالرسول ويؤمن بالقرآن؛ يكون قلبه ممتلئا من محبته ومن محبة الرسول ومن محبة القرآن، ويكون أيضا حريصا على العمل بما فيها، المحبة تستلزم الطاعة، وتستلزم التفاني في العمل.
وأما الذي يقول ولا يعمل؛ الذي يقول: آمنت بالله ومع ذلك يعصي الله، أو يقول: أنا أحب الله وأحب الرسول، ومع ذلك يعصيه؛ فمثل هذا لم يصدق في مقالته.
من حق الله تعالى إذا آمنا به أن نعمل بشرعه، ولا شك أن من جملة ما أمرنا به أن نتبع القرآن. قال تعالى: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ هو القرآن؛ اتبعوه يعني: سيروا على هديه وعلى ما أمر به، وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ؛ ولأجل ذلك كانت الأوامر التي في القرآن مما يجب الاتباع لها؛ سواء كانت من العبادات أو من المحرمات.